رئيس التحرير
الشيخ فهد داود سلمان الصباح

logo
رئيس التحرير
الشيخ فهد داود سلمان الصباح

آخر الأخبار

قوة الموقع الجغرافي للكويت في صنع الحضارة

تم النشر بتاريخ : السبت 02 سبتمبر 2023

عدد المشاهدات : 68

Image


فهد داود الصباح
الجغرافيا هي احد اهم عناصر حضارة اي دولة، في ميزان القوة التي تستند اليها الدول، لان الموقع الجغرافي يؤمن احدى طرق التواصل مع الخارج، ففي الدول المغلقة على نفسها، او ليس لها منافذ، او معزولة كأيسلندا، أو حبيسة كتشاد وافغانستان، التي تسعى الى ان تحوز قوة من خلال جملة اتفاقيات، وكذلك الى التحالفات الدولية، خصوصا في ما يتعلق بالاقتصاد، اذا لم تكن لديها موارد طبيعية، مثل ايلسندا، التي رغم محدودية مواردها الا انها استطاعت ان ترفع حصة الفرد من الناتج الوطني العام الى نحو 58 الف دولار.
في المقابل فان دولة ليست لديها ادارة واعية لعناصر القوة، حتى لو كانت حبيسة جغرافيا، مثل تشاد، فانها تعاني من الفقر، ففي تشاد تصل حصة الفرد من الناتج الوطني الى 240 دولارا اميركيا، وفقا لاحصاءات العام 2022، وهي بالتالي تعيش واحدة من اكثر الازمات، وتبلغ نسبة الامية فيها الى نحو 54 في المئة.
ان الفارق الكبير بين ايسلندا وتشاد من حيث دخل الفرد هو نتيجة طبيعية لاداء الحكومات في البلدين، وادارة الاقتصاد، لكن في المقابل هناك دول لديها امكانات كبيرة من حيث الموقع الاستراتيجي، والموارد الطبيعية التي تؤهلها لتأدية دور كبير في المحيط الاستراتيجي من جهة، وقوة اقتصادها التي، اذا خدمت بالطرق الصحيحة، لكانت قوة لا يستهان بها، ومن هذه الدول سنغافورة، التي هي عبارة من جزيرة لكنها اصبحت قوة اقتصادية بفضل الادارة الصحيحة لمختلف عناصر الدولة.
الكويت لديها موقع استراتيجي مهم جدا، من حيث طرق المواصلات، البحرية او البرية، وهي ايضا لديها موارد طبيعية يمكن استغلالها اذا كانت هناك ادارة صحيحة للاقتصاد وللادارة، لان هذين عاملين مهمين لاي دولة، وتستطيع المساهمة في المنطقة، بل العالم من خلال ارثها السياسي.
ان عنصر القوة الجغرافي للكويت، يتمثل باطلالتها على الخليج العربي، ومجاروتها لثلاث دول كبرى، وفي الوقت نفسه، علاقاتها مع دول العالم، وكذلك، مجتمعها الذي قام على المبادرة الفردية، من جهة، وحرية الاقتصاد، لكنها في الوقت نفسه تعاني من ازمة عدم ثقة، اكان في قوتها، او في ادارتها، التي شهدت الكثير من الفساد في العقود الثلاثة الماضية، ولهذا فهي لم تستغل موقعها الجغرافي لتعزيز قوتها، ولا هي عملت على الاستفادة من ماضيها في الاستمرار بتصدير نموذجها، الذي يعاني اليوم من جملة مشكلات ذاتية، لا بد من الخروج منها كي تعود الى قوتها التي اكتسبتها في السنين الماضية، بل القرون الاربعة الماضية.
لا شك ان الدول تسعى الى اكتساب ميزات ترفع من مكانتها عالميا، وتحقق لها قوة كل الميادين، وذلك لتحقيق القوة التي تعني القدرة الشاملة للدولة على تخطي العقبات، وبالتالي العمل على تكمينها من بناء قوتها من خلال موقعها الجغرافي، وربطه بهويتها وتاريخها، وهذا يتم عبر أساليب متنوعة للتفكير في الزمان والمكان، والربط بين المعرفة والقوة، وإدراك الدولة هويتها وتاريخها وسلوكها السياسي والاقتصادي.
هذه العوامل لا تتحقق الا من خلال جملة مبادرات، يعتمد فيها اولا على المواطن الذي لا بد ان تكون لديه الامكانات لتحقيقها، عبر جملة من العناصر، اولها الاخلاق، وثانيها التعلم الدائم، وليس الاكتفاء بالتعليم الممنهج، اي حفظ المناهج.
وفي هذا الشأن تقول عالمة الجغرافيا والاقتصاد البريطانية دورين ماسي: "ان تنمية الدولة الخيال الجغرافي لطلابها يمكن أن يساهم في بناء تصورهم لصورة دولتهم في العالم، ودورها في إدارة الصراعات الدولية".
تضيف: "إن نقطة الانطلاق نحو المستقبل تتمثل في زيادة قدرة الطلاب على الربط بوعي بين الموقع والمساحة والفضاء والتاريخ والقيم، وبناء صورة ذهنية للدولة ومكانتها في العالم".
من هذا المنطلق يمكن البناء المعرفي لاحد عناصر الحضارة لمجتمع ما، ولا شك ان الكويت لديها الامكانات على تحقيق ذلك، اذا عملت على نظرية تحقيق عناصر الشراكية المعرفية مع الاخر.

شارك الخبر: